عابرُ سبيل.

 علاقة قلبك بالقرآن والدنيا مثلهم كمثل عابر سبيل إترّب وجهه، وجف حلقه، وبان عليه وعثاء السفر، وتشققت أقدامه وهو يجوب الطريق لا يهتدي لأثرٍ وقد نسي لأي وجهة قصده.

ثم يبصر بئراً مِن حوله تنبت الأرض، وكأنما وجد غايته ونسي ماسِوى ذلك مِن فرط الذهول لما يرى وسط الصحراء أولاً، ثم من شدة ظمئه، فأكّب يلتمس من ماءه ولا يرتوي من حِلاوته وكأنما روحه التي تُسقى لا حلقه!.

فأصبح يستسقي طوال الوقت، فظمأه لا يُروى ولا يود أن يُروى، فقام فأخذ البذور التي نمت حول البئر وراح ينثرها حوله ويسقيها، يتعب حيناً ويستريح حيناً، لكنه يعود للسعي بكل حُب كلما شرب من البئر.

حتى إنقلبت الصحراء لجنّة تُبهج القلوب وتأسرها، وأصبح ذلك الشاب نضير الوجه ناعم الجسدِ طهور الثياب، أصبح يمشي على صراطٍ مستقيم بعدما كان يمشي مكباً على وجهه لا يعلم إلى إين المسير.

ولكن الصحراء لم تتغير كُليَّة، فهي ذاتها برمالها وحرها ولهيب شمسها، ما تغيّر هو الرجل وأصبحت جنّته في يديه، يحاول أن يهدي جميع الضالين عابري السبيل إلى هذه الجنة وطريقها.

وما الصحراء إلّا الدنيا، وما الرجل إلا قلب الإنسان الذي لوثته الدنيا وغطته بالدنس وأصبح ضالاً لا يهتدي سبيلاً، وما البئر إلا النور الذي أِنزل رحمة وهُدى للمؤمنين، وما النبات والجنة إلّا ثمار الإقبال على هذا النور.

وَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا}[الأنعام:١٢٢].

{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق:٣٧].


-25/9/2021


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الإنسانوية.. مركزية الطاغوت المتأنسن.

الاستحقاق.. قف وعد إلى الأرض!

عندما أحياني الله.