منزلٌ من لحمٍ ودمٍ.









 كُل الأرضِ بلاد غُربةٍ ووحدك موطني.

أمشي في الشوارع والأزقة كالمُشردِ، وما من أحدٍ سواك مسكَني.

كنت كلاجئٍ أمضى سنينهُ يندبُ وطنه الذي لم تطأه قدماه منذ أول صرخةٍ في حياته.

كقطعة أُحجية زائدةٍ أُلقيت بإهمال، في توقٍ لأحجيةٍ تحتاجها لتكتمل؛ لتُحسّ أنّ لوجودها وزنًا!

كطفلٍ اُنتهكت طفولته وعاش وسط الخراب؛ لم يشعر بدفئ المنزل، ولم يأنس برائحة الحساء الساخن، ولم يذُق طعم الأمان، حتى وضعت الحرب أوزارها وشُيدت البيوت، وصُبغت بلون الحُبِ والحنان، وأُحيطت بالسكينة والأمان.

أنت لي الراحةُ بعد طول الشقاء، الملجئُ وقت العناء، كنفِي في صخَب الحياة، ووطني بعد سنينِ الوحشة، الحُضن وقت البكاء، والمنزل.. المنزل الذي ينتظرني ويراني جزءًا منه، المنزل الذي يحتضنني بين جدرانه سعيداً، وحزيناً، وخائفاً، وقلقاً، وغاضباً، المنزل الذي بوسعي الولوجُ إليه متى ما رغبتُ، وأينما كنتُ.

ليس منزلاً من خُشبانٍ وطوبٍ، ولا تحيطه الجدران السميكة. هو منزلٌ من لحمٍ ودمٍ، منزلٌ جُدرانه حنانك، أثاثه عطفُك، صِبغتُهُ نقاءك، نوافذهُ طيبتك، وبابه حُبُّك.

وبابه..بابهُ لا يوصد أبداً، ولو غطتّه شباكُ العنكبوت.


-15/11/2021



*الصورة من مانجا:grey is. للكاتبة: ديانا العبادي.

https://www.greyismanga.com/

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الإنسانوية.. مركزية الطاغوت المتأنسن.

الاستحقاق.. قف وعد إلى الأرض!

عندما أحياني الله.